في كل تجوال، اعود للمنزل ورأسي يعج بصوركم واسماذكم والمواقف الحرجة والمضحكة، ويغمرها شعوراً بالانجاز والعمل، وتبدأ الكلمات تصفف نفسها في رأسي، وترجوا تحررها لتصبح كلمات على ورق، يمكنها ان تظهر لكم وتتباهى بدقة صفها وعمق معناها.
ويزيدها تأكيداً وتثبيتاً جلسة سريعة في مقهى شعبي بعد كل تجوال مع المجموعة المصغرة التي تعمل على التجوالات من رام الله، نكشف بعض الاسرار وبعض المواقف الخفية في التجوال، ونستذكر اجمل المواقف التي مررنا بها.
وحين أصل رام الله التحتا، وعادة تكون الشمس قد غابت وحل محلها لسعة برد الشتاء، استلذ بمشهد المباني القديمة واتاكد من مدى اهمية زيارتنا لمثل هذه الاماكن، واقرر ان اضيف شيء من هذا القبيل إلى النص عن أخوّة البلدات القديمة في مختلف المدن الفلسطينية. وعن تشابهها وتشابكها ومعاناتها وخباياها خياناتها. وعلاقتها بأمها البلدة القديمة في القدس.
فأصل إلى المنزل والنص شبه مكتمل، وتضاف عليه المزيد من الكلمات والافكار ورأسي تحت دش ماء ساخن، يزيل الغبار عن الذاكرة لاستذكر جمال التجوالات كلها في لحظة واحدة، وكل الاماكن وكل المشاهد ووجوهكم تتردد امامي سريعاً وتختفي، فتخلف وراءها حالة شاعرية وجمل برّاقة، ترقى بالتجوال للمثالية.
أنشف جسدي، أتناول بعض مما أجد في الثلاجة، أشرب الكثير من الماء، أنظف أسناني، وأذهب منهك للفراش: لم يبقى فيّ طاقة للكتابة، سأكتب غداً، صباحاً.